فصل: أخبار القائمين بالدولة العباسية من العرب المستبدين بالنواحي ونبدأ منهم ببني الأغلب ولاة أفريقية وأولية أمرهم ومصاير أحوالهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.أخبار القائمين بالدولة العباسية من العرب المستبدين بالنواحي ونبدأ منهم ببني الأغلب ولاة أفريقية وأولية أمرهم ومصاير أحوالهم.

قد ذكرنا في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه شأن فتح أفريقية على يد عبد الله ابن أبي سرح وكيف زحف إليها في عشرين ألفا من الصحابة وكبار العرب ففض جموع النصرانية الذين كانوا بها من الفرنجة والروم والبربر وهدم سبيطلة قاعدة ملكهم وخربها واستبيحت أموالهم وسبيت نساؤهم وبناتهم وافترق أمرهم وساخت خيول العرب في جهات أفريقية وأثخنوا بها في أهل الكفر قتلا وأسرا حتى لقد طلب أهل أفريقية من ابن أبي سرح أن يرحل عنهم بالعرب إلى بلادهم ويعطوه ثلاثمائة قنطار من الذهب ففعل وقفل إلى مصر سنة سبع وعشرين.

.معاوية بن خديج.

ثم أغزى معاوية بن أبي سفيان معاوية بن خديج السكوني أفريقية سنة أربع وثلاثين وكان عاملا على مصر فغزاها ونازل جلولاء وقاتل مدد الروم الذي جاءها من قسطنطينية لقيهم بقصر الأحمر فغلبهم وأقلعوا إلى بلادهم وافتتح جلولاء وغنم وأثخن وقفل.

.عقبة بن نافع.

ثم ولى معاوية سنة خمس وأربعين عقبة بن نافع بن عبد الله بن قيس الفهري على أفريقية واقتطعها عن معاوية بن خديج فبنى القيروان وقاتل البربر وتوغل في أرضهم.

.أبو المهاجر.

ثم استعمل معاوية على مصر وأفريقية مسلمة بن مخلد فعزل عقبة عن أفريقية وولى مولاه أبا المهاجر دينارا سنة خمس وخمسين فغزا المغرب وبلغ إلى تلمسان وخرب قيروان عقبة وأساء عزله وأسلم على يديه كسيلة الأوربي بعد حرب ظفر به فيها.

.عقبة بن نافع ثانيا.

ولما استقل يزيد بن معاوية بالخلافة رجع عقبة بن نافع إلى أفريقية سنة اثنتين وستين فدخل أفريقية وقد نشأت الردة في البرابرة فزحف إليهم وجعل مقدمته زهير بن قيس البلوي وفر منه الروم والفرنجة فقاتلهم وفتح حصونهم مثل لميس وباغاية وفتح أذنه قاعدة الزاب بعد أن قاتله ملوكها من البربر فهزمهم وأصاب من غنائمهم وحبس أبا المهاجر فلم يزل في اعتقاله ثم رحل إلى طنجة فأطاعه بلبان ملك غمارة وصاحب طنجة وهاداه وأتحفه ودله على بلاد البربر وراءه بالمغرب مثل وليلى عند زرهون وبلاد المصامدة وبلاد السوس وكانوا على دين المجوسية ولم يدينوا بالنصرانية فسار عقبة وفتح وغنم وسبى وأثخن فيهم وانتهى إلى السوس وقاتل مسوفة من أهل اللثام وراء السوس ووقف على البحر المحيط وقفل راجعا وأذن لجيوشه في اللحاق بالقيروان وكان كسيلة ملك أروبة والبرانس من البربر قد اضطغن عليه بما كان يعامله به من الاحتصار يقال: إنه كان يحاصره في كل يوم ويأمره بسلخ الغنم إذا ذبحت لمطبخه فانتهز فيه الفرصة وأرسل البربر فاعترضوا له في تهودا وقتلوه في ثلاثمائة من كبار الصحابة والتابعين واستشهدوا كلهم وأسر في تلك الوقعة محمد بن أوس الأنصاري في نفر فخلصهم صاحب قفصة وبعث بهم إلى القيروان مع من كان بها من المخلفين والذراري ورجع زهير بن قيس إلى القيروان واعتزم على القتال وخالفه حنش بن عبد الله الصنعاني وارتحل إلى مصر واتبعه الناس فاضطر زهير إلى الخروج معهم وانتهى إلى برقة فأقام بها مرابطا واستأمن من كان بالقيروان إلى كسيلة فأمنهم ودخل القروان وأقاموا في عهده.

.زهير بن قيس البلوي.

ولما ولي عبد الملك بن مروان بعث إلى زهير بن قيس بمكانه من برقة بالمدد وولاه حرب البرابرة فزحف سنة سبع وستين ودخل أفريقية ولقيه كسيلة على ميس من نواحي القيروان فهزمه زهير بعد حروب صعبة وقتله واستلحم فى الوقعة كثير من أشراف البربر ورجالاتهم ثم قفل زهير إلى المشرق زاهدا في الملك وقال: إنما جئت للجهاد وأخاف أن نفسي تميل إلى الدنيا وسار إلى مصر واعترضه بسواحل برقة أسطول صاحب قسطنطينية جاؤا لقتاله فقاتلهم واستشهد رحمه الله تعالى.